الصحراء الغربية: نزاع مغربي- مغربي

أعرب السيد خليهن ولد الرشيد رئيس المجلس الملكي الاستشاري للشؤون الصحراوية عن استعداد المجلس لفتح حوار صادق مع الجمعيات والمنظمات غير الحكومية المساندة للبوليساريو من أجل إرساء قواعد تعاون مثمر قصد المساهمة في إيجاد حل نهائي وسلمي لقضية الصحراء، ووضع حد نهائي لهذا المشكل الذي طال أمده.

وقال السيد خليهن ولد الرشيد في رسالة وجهها إلى الجمعيات والمنظمات غير الحكومية المساندة ل"البوليساريو" إن المجلس الملكي الاستشاري للشؤون الصحراوية، "يؤمن أكثر من أي طرف آخر، بأن الحوار هو الوسيلة الأجدى والأمثل لحل المشاكل والخلافات كيفما كانت طبيعتها، خصوصا عندما يتعلق الأمر بمشكل قائم بين أبناء من نفس العائلة كما هو الشأن بالنسبة لمشكل الصحراء " .

وأوضح السيد خليهن ولد الرشيد أن هذه المبادرة تهدف بالأساس إلى تعزيز الحوار والتعارف المتبادل "لكي يتمكن الصحراويون، كل الصحراويين، حيثما وجدوا، من العيش في سلام والتمتع بحقوقهم الأساسية في الحرية، والكرامة، وتقرير مستقبلهم من دون ضغط من أي جهة كانت".

وأكد بأن المجلس "لا يشك أبدا في عملكم الإنساني النابع من نواياكم الحسنة لصالح الصحراويين، والذي نكن لكم من أجله كل مشاعر الحب والتقدير والامتنان".

وقال مخاطبا هذه الجمعيات والمنظمات " إن الصحراويين، أينما وجدوا، سواء في العيون أو تندوف أو موريتانيا أو أوروبا، في حاجة إلى تعاونكم من أجل إيجاد حل عادل لهذا المشكل، لا غالب فيه ولا مغلوب".

وأضاف " إننا في المجلس ، نمد أيدينا إلى جميع الأطراف ذوي النوايا الحسنة، لكي نعمل جميعا من أجل حل هذا المشكل الذي يتغذى من انعدام التواصل وغياب الحوار" مشددا على أن مشكل الصحراء "لا يجب أن يطول أكثر من هذه المدة، إذ علينا أن نستلهم العبر من تجارب الآخرين لوضع حد لهذا المشكل الذي ما زال مطروحا منذ ثلاثين سنة، كفى! فثلاثون سنة من النزاع ، مدة جد طويلة من الزمن" . وقال "نحن الصحراويون ليس لدينا الحق في إضاعة مزيد من الوقت في نزاع عقيم يواجه فيه الأخ أخاه ( ... ) لا يمكننا أن نتحمل مزيدا من المعاناة، لأن الحرب زادت من آلامنا وخلفت العديد من القتلى واليتامى" .

وأكد أن الكيل قد طفح بالصحراويين جراء هذه الوضعية التي خلفت المآسي والتفرقة بين الاخوة مشددا في هذا السياق على أنه " يتعين علينا، وفي أسرع وقت ممكن، إيجاد حل يحفظ الحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية للصحراويين لأن جميع الوسائل التي تم اللجوء إليها حتى الآن لحل هذا المشكل كان مصيرها الفشل، فالنزاعات لا تحل أبدا عن طريق العنف".

لقد تأكدت - تضيف الرسالة - استحالة تطبيق الاستفتاء، لسبب وحيد، وهو أن هذه الاستشارة تقوم على أساس تحديد الهوية . والأمم المتحدة منذ إنشائها لم تتمكن من تنظيم استفتاء يقوم على معيار وحيد هو تحديد الهوية . وقال السيد خليهن ولد الرشيد إن نزاع الصحراء مشكل معقد ، وفشل الأمم المتحدة في تنظيم هذه الاستشارة دليل على مدى التعقيد الذي يطبع هذا المشكل موضحا أن فشل الأمم المتحدة في تنظيم الاستفتاء يحث على البحث عن سبل أخرى لإيجاد حل لهذا النزاع القائم بين أبناء نفس العائلة .

وذكر بأن الصحراويين أينما وجدوا يشكلون عائلة واحدة لها نفس الجذور ، وتقتسم نفس الثقافة ونفس العادات، وإنه لمن المستحيل إيجاد صحراوي ليس له أفراد من عائلته في مخيمات تندوف، " لأن الروابط لم تنقطع أبدا مع إخواننا في تندوف والمناطق المجاورة لها " .

وبخصوص المجلس الملكي الاستشاري للشؤون الصحراوية ، الذي عينه صاحب الجلالة الملك محمد السادس في25 من شهر مارس الماضي بمدينة العيون والذي يتكون من الممثلين الشرعيين لكل مكونات المجتمع الصحراوي ، أبرز السيد ولد الرشيد أنه بمقتضى الصلاحيات التي أعطيت للمجلس فإنه هو المخاطب والممثل الوحيد لجميع الصحراويين الذين يعيشون في الأقاليم الصحراوية والذين يشكلون ثلثي الساكنة الصحراوية، أما الثلث الباقي فيعيش في مخيمات تندوف كما أكدت ذلك بعثة (المينورسو).

وأضاف أن المجلس الذي يعتز بمصداقيته وتمثيليته، " لواثق بأن مشروع الحكم الذاتي هو الإطار الأمثل لحل هذا النزاع الناشب بين الإخوة. إن هذا الاقتراح يمثل فرصة وحيدة لوضع حد للتفرقة بين العائلات والسماح لهم بالعودة إلى الوطن".

وشدد على " أن الصحراويين يأملون في العيش في سلام، والانتقال بكل حرية كباقي سكان العالم ولا يريدون أن يولد أبناؤهم في حدود مغلقة ويترعرعون في جو تشوبه الكراهية اتجاه الآخرين ، وإننا نريد أن نزرع فيهم مبادئ الحرية والتعايش والحب واحترام الآخر وإحياء التقاليد الحقيقية للصحراويين والقيم العريقة لقبائل الصحراء، والتي ترتكز على التضامن والحب والتآخي. نريد أن تفتح الحدود مع إخواننا الجزائريين والموريتانيين وفي جزر الخالدات ". وقال " نحن الصحراويون، علينا أن نتصالح فيما بيننا لكي نبني جميعا مستقبلا تسوده الرفاهية لأن الأجيال القادمة لن تسامحنا أبدا " مبرزا " أن حكما ذاتيا موسعا، في إطار السيادة المغربية كما أوصى به صاحب الجلالة الملك محمد السادس، هو الكفيل بأن يضمن لنا السلام والأمان والحرية والديموقراطية والكرامة، كما يمكنه أن يضمن لنا جميع حقوقنا السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية".

وفي هذا الإطار اعتبر السيد خليهن ولد الرشيد أن تجربة إسبانيا في مجال الحكم الذاتي يمكن أن تشكل نموذجا مفيدا جدا لكي يتم، بنجاح، تطبيق هذا المشروع الذي يضمن حقوق جميع الفرقاء في النزاع الصحراوي . وبعدما قال إنه يعول على مساعدة وتعاون هذه الجمعيات والمنظمات غير الحكومية لبلوغ هذا الهدف الطموح أعرب عن استعداده التام لمناقشة أي اقتراح أو نقطة "ترون أنها تحتاج إلى مزيد من التوضيح ".